الرئيسية / آراء / قانون المواطنة الجديد في الهند

قانون المواطنة الجديد في الهند

قانون المواطنة الجديد في الهند

قانون المواطنة الجديد في الهند

اشتياق عالم الفلاحي

أدخلت الحكومة الهندية في الأيام القليلة الماضية تعديلات على قانون المواطنة الهندي، والظاهر أن هذا القانون يوفر للأقليات الدينية (الهندوس والسيخ والبوذيين والجاينيين والبارسيين والمسيحيين) من باكستان وبنغلاديش وأفغانستان طريقا سهلا للحصول على الجنسية الهندية، بينما يستثني المسلمين من هذه الدول من الاستفادة من مثل هذه التسهيلات. وبحسب قانون الجنسية لعام 1955، لم يكن يُسمَح لأحد بتقديم طلب للحصول على الجنسية الهندية إلا بعد مرور ما لا يقل عن 11 عاما من إقامته في الهند، ولكن التعديل الأخير خفف هذا الشرط للأقليات المذكورة من 11 عاما إلى 5 أعوام فقط.

هل يخالف القانون الدستور الهندي؟

هذا القانون يخالف الدستور الهندي الذي ينص على أن الهند بلد علماني، وجاء في ديباجة الدستور “نحن شعب الهند، قد قررنا رسمياً وباطمئنان كامل أن نؤسس الهند دولة موحدة ديموقراطية، علمانية، اشتراكية ذات نظام جمهوري، وذات سيادة واستقلال وأن نضمن لجميع مواطنيها العدالة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وحرية الفكر والتعبير والاعتقاد والديانة وممارسة طقوس العبادة والمساواة في الأوضاع وتكافؤ الفرص. كما قررنا أيضاً أن نعزز روح الأخوة فيما بين المواطنين، وضمان كرامة الفرد ووحدة وسلامة الأمة.

ومن جانبه، أعرب الناشط الهندي هرش مَندَر عن اعتقاده أن “هذا القانون، من دون مبالغة،ربما يكون الأكثر خطورة من بينجميع القوانين لأنه يُعد تدميراً حقيقياًللدستور الهندي، الذي يتميز بأنه علماني بطبيعته وكان محوره أن الهوية الدينية للمواطنين ستكون غير ذات صلة بالمواطنة. وهذا هو ما يجري قلبه من خلال هذا القانونالمقلق للغاية”.

جماعة آر إس إس وحلم دولة هندوسية

كان رئيس الوزراء مودي عضوا في جماعة آر إس إس (المنظمة الوطنية للمتطوعين(، التي أسسها كِيشَف بَلِي رام هِيدغيوار في عام 1925 بهدف العمل على تأسيس دولة هندوسية تحكم فيها الطبقة العليا من الهندوس (ينقسم أتباع الهندوسية إلى 4 طبقات أعلاها البراهمة)، واستعباد الطبقات المنبوذة وإبادة المسلمين. وتقدم آر إس إس نفسها على أنها جماعة ثقافية، إلا أنها أسست حزب بهاراتيا جاناتا بارتي الحاكم لبسط نفوذها على الصعيد السياسي. وقد عملت الجماعة منذ تأسيسها على إعادة بناء الهند كدولة هندوسية. وبسبب أنشطتها المشبوهة وزرع العنف والكراهية ضد المسلمين والطبقات المنبوذة، حظرتها الحكومة الهندية في قيادة حزب الكونغرس أكثر من مرة. تجدر الإشارة إلى أن مودي كان رئيس الوزراء في ولاية غجرات في عام 2002 وأتهم آنذاك بعدم اتخاذ الإجراءات الكفيلة لوقف أعمال الشغب التي اجتاحت الولاية، والإشراف على تنفيذ أفظع المذابح في الولاية التي أسفرت عن استشهاد آلاف من المسلمين.

لقد اتخذت حكومة نارندرا مودي إجراءات عديدة لاستهداف المسلمين الذين يشكلون أكثر من 15% من سكان البلاد، بما فيها إلغاء الحكم الذاتي لكشمير ذات الأغلبية المسلمة والشروع في بناء معبد هندوسي باسم راما على أنقاض المسجد البابري الذي هُدم على أيدي المتشددين الهندوس في عام 1992، ما تسبب في اندلاع أسوأ موجة عنف في تاريخ الهند المستقلة.

لماذا يشعر المسلمون بالقلق؟

ندد عدد كبير من أحزاب المعارضة الهندية بالقانون الجديد لأنه لا يشمل المضطهدين من الدول المجاورة الأخرى بمن فيهم الهندوس الناطقون باللغة التاميلية في سريلانكا واللاجئين الروهينغا المسلمين الذين فروا من الاضطهاد في ميانمار. والحقيقة هي أن هذا القانون لا علاقة له بمساعدة المهاجرين واللاجئين وإنما يرتبط بالحملة التي شنها مودي ووزير داخليته أميت شاه لتهميش المسلمين وتحويل الهند إلى وطن للهندوس الذين يشكلون حوالي 80 %من السكان.

من المقرر أن تعد الحكومة، بعد صدور هذا القانون، سجلا للمواطنين مماثلا لما وضعته ولاية آسام (كانت سلطات آسام قد أعلنت في أغسطس الماضي أن نحو مليونين من سكانها لم تُدرَج أسماؤهم في سجل المواطنين لعدم تمكنهم من تقديم الوثائق التي تثبت أنهم مقيمون فيها منذ سنوات طويلة وعدد كبير منهم مسلمون) كما أكد وزير الداخلية أميت شاه أكثر من مرة.

يشار إلى أن الوثائق المطلوبة لإدراج الأسماء في السجل لا تشمل الجواز، والبقاء خارج السجل يعني حرمان المواطنين من الجنسية، ومن ثم يصبحون من البدون وكأنهم غير موجودين، ولا يمكنهم تنفيذ مشروعات تجارية أو العمل أوالدراسة أو تملك عقارات. وبموجب هذه الإجراءات سيتمكن الهندوس من الحصول على الجنسية الهندية، وفق القانون الجديد، وسيعامَلون على أنهم مضطهدون أتوا من الدول المجاورة، في حين سينتهي الأمر بالمسلمين إما في مراكز احتجاز، أو سيكون عليهم الاختباء من السلطات مدى الحياة.

ومن الخاسر في النهاية؟

هل الخاسر هنا هم المسلمون فقط؟ كلا، سيخسر عدد كبير من المسلمين والطبقات المنبوذة والفقراء، حيثتتعرض بعض المناطق في الهند للفيضانات ويفقد سكانها جميع مممتلكاتهم بما فيها الوثائق والشهادات. وبعض الولايات لا تسمح بامتلاك الأراضي إلا للمقيمين داخل الولاية.

يحظى عدد كبير من أبناء الطبقات المنبوذة بالأفضلية في الفرص التعليمية والوظائف، ومن المحتمل ألا يتم إدراج عدد كبير من هؤلاء في سجل المواطنة. وبعد إقرار القانون الجديد قد يحصلون على الجنسية كونهم من الهندوس ولكن بعد الحرمان من الميزات التي يتمتعون بها، لأن هذه الميزات مقصورة على المواطنين الأصليين وليس المجنسين.

عن Maeeshat Desk

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>

إلى الأعلى