الرئيسية / آراء / هل تنجح حكومة مودي في قمع المظاهرات التي فجرها قانون المواطنة الجديد

هل تنجح حكومة مودي في قمع المظاهرات التي فجرها قانون المواطنة الجديد

هل تنجح حكومة مودي في قمع المظاهرات التي فجرها قانون المواطنة الجديد

هل تنجح حكومة مودي في قمع المظاهرات التي فجرها قانون المواطنة الجديد

اشتياق عالم الفلاحي- الهند

تتواصل الاحتجاجات في أنحاء الهند تنديداً بقانون المواطنة المثير للجدل الذي أقرته الحكومة الهندية في الأيام القليلة الماضية، الذي يعتبره الخبراء عنصرياً بامتياز ومخالفاً للدستور الهندي العلماني، ولأنه يمنح الجنسية الهندية للمهاجرين القادمين من باكستان وأفغانستان وباكستان شريطة ألا يكونوا مسلمين. وبدورها قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن القانون يتعارض مع التزامات الهند الدولية. وتجدر الإشارة إلى أن عددا من الجماعات والجمعيات والشخصيات الحقوقية الهندية رفع 59 دعوى إلى المحكمة العليا كلها تطالب إما بإلغاء القانون أو إيقاف العمل بها وحددت المحكمة 22 يناير للاستماع إليها.

أول من ثار هم الآساميون

وكان أول من ثار في البلاد ضد القانون الجديد هم سكان منطقة شمال شرق الهند وتحديدا ولاية آسام، وسبب معارضة السكان المحليين في الولاية للقانون يرجع لكونهم يرون أن المهاجرين يسرقون الوظائف ويشكلون عبئا على الموارد المتاحة محليا، وأنه ليس من الإنصاف منحهم الجنسية بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية.

وقد شهدت جميع مناطق شمال شرقي البلاد مسيرات واحتجاجات واسعة، فلجأت الحكومة إلى استخدام القوة لكبح المظاهرات وتكميم الأفواه، ما أسفر، في آسام وحدها، عن مصرع 6 أشخاص على الأقل بعد أن أطلقت الشرطة النار على المتظاهرين وأصيب العشرات بجروح. ولا تزال الولاية تشهد كل يوم احتجاجات في مدنها الكبيرة والصغيرة رغم إقدام الحكومة على فرض حظر التجوال في كثير من المناطق وقطع خدمة الإنترنت واحتجاز الآلاف.

موجة الاحتجاجات تنتشر في أنحاء البلاد

وقد تمددت موجة الاحتجاجات في الولايات الشرقية وبنغال الغربية ودلهي ومهاراشترا وأترا براديش (الولاية الشمالية) وكرناتكا والولايات الأخرى ومازالت متواصلة منذ ذلك الحين، بمشاركة آلاف بل مئات الآلاف من الرجال والنساء والشبان والفتيات. وعلى الرغم من أن هذه المظاهرات سلمية إلا أن الولايات التي يحكم فيها حزب رئيس الوزراء مودي بهاراتيا جاناتا بارتي تواجهها بعنف وتستخدم القوة المفرطة ضد المتظاهرين. وتفيد التقارير أن الشرطة قتلت أكثر من 24 شخصا حتى 23 ديسمبر بمن فيهم اثنان لا يتجاوز عمرهما 17 عاما، كما احتجزت أكثر من 4 آلاف شخص في ولاية اترابراديش وحدها، وأكثر الضحايا من المسلمين لأنهم يتقدمون المظاهرات ضد القانون الذي قد يتسبب في سحب جنسياتهم.

المظاهرات في دلهي ودور الشرطة

تتعامل الشرطة مع المتظاهرين بوحشية بناء على أوامر من وزارة الداخلية الهندية، ومن ناحية أخرى، فقد امتدت المظاهرات التي بدأت في الجامعة الملية الإسلامية في دلهي إلى عشرات من الجامعات في أنحاء البلاد تضامنا مع طلبة دلهي وجامعة على غره الإسلامية، وذلك بسبب استخدام الشرطة القوة والعنف ضد المتظاهرين.

وتجدر الإشارة إلى أن الشرطة دخلت حرم الجامعة الملية الإسلامية دون إذن من إدارة الجامعة (وهي خطوة لا يسمح بها القانون الهندي) وداهمت مكتبة الجامعة الملية واستخدمت الغاز المسيل للدموع وانهالت بالضرب على الطلبة والطالبات الذين كانو متواجدين داخل المكتبة، وأطلقت النار على الأبرياء واستخدمت كلمات مسيئة للمسلمين بحجة أن المتظاهرين أشعلوا النيران في حافلات وأغلقوا الطرق ودمروا الممتلكات العامة. ويقول شهودعيان إن أحداث العنف وقعت بعد أن عاد الطلاب السلميون إلى الحرم الجامعي بعد المشاركة في الاحتجاج السلمي وظهرت مقاطع فيديو تكشف زيف ادعاءات الشرطة.

قد يسأل سائل هنا، من كان وراء تدمير الممتلكات العامة؟ يعرف المتابعون لأعمال الشغب في الهند جيدا أن بلطجية حزب بهارتيا جاناتا بارتي وأعضاء الفرع الطلابي لجماعة آر إس إس التي تشرف على الحزب الحاكم يقفون في أكثر الأحيان وراء مثل هذه الأحداث، ويعتبر المحللون أن هؤلاء الأشرار تسللوا إلى مكان المظاهرات في آخر اللحظات بعد أن بدأ المتظاهرون يغادرون المكان وتسببوا في هذه الأضرار بالتنسيق مع شرطة ولاية دلهي التي تخضع لحكومة حزب معارض إلا أن شرطتها تابعة مباشرة للداخلية الهندية، ولا علاقة بها بحكومة الولاية. وصرح بعض مسؤولي الشرطة أن قوات الأمن لم تطلق النار لفض المتظاهرين، إلا أن الفيديوهات المنتشرة والتقارير الإعلامية تظهر كذب المسؤولين.

وتظاهر يوم الجمعة الماضي عدد كبير من المسلمين والهندوس من الجماعات التي تعمل على الحفاظ على دستور البلاد في منطقة المسجد الجامع ودريا غنج في دلهي واستمرت الأنشطة بشكل سلمي حتى المساء كما شهدت الشرطة نفسها بذلك، ولكن بعد غروب الشمس اندلعت أحداث مماثلة لتلك التي حدثت في الجامعة الملية الإسلامية.

ومن يشارك في المظاهرات؟

عل الرغم من أن المسلمين يتقدمون المظاهرات في بعض المناطق إلا أن الشعب كله بمن فيهم أصحاب الديانات الأخرى ثار ضد القانون الجديد، كما أن كثيراً من الذين صوتوا لصالح مودي يعارضونه الآن بسبب خطواته العدائية وفشله في مواجهة التحديات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد. والحقيقة أن مودي ووزير داخليته أميت شاه (وهو ذراع مودي اليمنى) لم يكونا يتوقعان أن البلاد ستنفجر بالمظاهرات بعد إقرار القانون الأسود، ولكن الشعب بشكل عام والمسلمون بشكل خاص قد أدركوا أن المسؤولين في الحكومة الحالية لا تهمهم مصالح البلاد وأيقنوا أن الروح العلمانية للدستور معرضة للخطر، ما أدى إلى وقوع المسؤولين في حيرة بعد أن اجتاحت المظاهرات البلاد ولم يستحوا من استخدام القوة والشرطة لقمعها، مع العلم أن دستور البلاد يكفل تنظيم المظاهرات السلمية وحرية التعبير وانتقاد سياسات الحكومة.

لقد انتفض الشعب واكتسبت الاحتجاجات زخماً في جميع أنحاءالبلاد، من الحرم الجامعي إلى المدن ومن الشوارع إلى حفلات الزفاف أيضا، وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة ماتروبهومي، التي تصدر من كيرالا، في تقرير لها أن العروسين في كثير من حفلات الزواج في كيرالا رفعا لافتات رفضا لقانون المواطنة ومعظمهم من غير المسلمين، كما رفض عدد من الطلبة والطالبات في جامعة بانديشيري قبول الميدالية الذهبية التي تمنح للمتفوقين بمن فيهم الطالبة ربيعة بروين.

ويشار إلى أن الأحزاب المعارضة أيضا تنظم مظاهرات كل يوم في المدن الرئيسية، حيث نظمت أمس الاثنين في دلهي مظاهرة رافضة للحجج التي قدمها رئيس الوزراء مودي في الدفاع عن القانون. ومن جانبه، قال القيادي في حزب الكونغرس راهول غاندي موجهاً كلامه لمودي “لقد فشلت في توفير فرص العمل ودمرت الاقتصاد، ولهذا السبب تختبئ وراءالكراهية، ولن تسمح لك الدولة بمهاجمة الدستور وقمع صوت البلاد”.

أكثر الضحايا هم في الولايات التي يحكم فيها حزب مودي

وتفيد التقارير أن أحداث العنف وقعت في الولايات التي يحكم فيها حزب مودي، المعروف بعدائه للمسلمين، وهي إشارة إلى أن المتظاهرين سلميون ولكن الحكومة تريد تقديم القضية على أنها قضية المسلمين وحدهم، وعملت على تحقيق هذا الهدف بالتنسيق مع الموالين لحزب بهارتيا جاناتا بارتي، واتخذت خطوات لتأليب عامة الهندوس ضد المسلمين.

وفي جامعة علي غره، التي تقع في ولاية أترا براديش التي يحكم فيها حزب مودي برئاسة رئيس الحكومة في الولاية يوغي آدِتيا ناته، اشتبكت الشرطة مع طلبة الجامعة السلميين بعد أن احتشدوا تضامنا مع طلبة الجامعة الملية الإسلامية، وانهالت عليهم ضرباً بالهراوات وأطلقت النيران. وامتدت الاحتجاجات من الجامعة إلى المدن في الولاية، ومنذ أول يوم كشف يوغي آدِتيا ناته عن نواياه عند ما صرح أنه “سينتقم من المتظاهرين الذين يدمرون الممتلكات العامة”.

لقد داهمت الشرطة بيوت المسلمين في العاصمة لكناؤ ومدينة كانبور والمدن الأخرى في الولاية واستهدفت النساء وضربت الأطفال وسرقت الحلى والمجوهرات وأطلقت حملة لتلفيق القضايا ضد عدد كبير من النشطاء والشباب المسلمين، لمصادرة ممتلكاتهم كما ذكرت صحيفة “The Asian Age” في تقريرها.

فهل تنجح الحكومة في قمع المظاهرات وإخماد غضب الشارع؟ كلا، لأن المتابعين للأحداث يرون أن الشعب سيحقق هدفه بحماية الدستور مهما كان الثمن ولا شك أن المسلمين يتقدمون الصفوف في هذه الحملة ويقدمون التضحيات. وتستمر المظاهرات العارمة حتى بعد استخدام القوة المفرطة من قبل الشرطة في الولايات التي يحكم في حزب مودي، بل تشتد موجاتها يوماً بعد يوم.

عن Maeeshat Desk

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>

إلى الأعلى