عبد الله دقامسة
يشكل الثالوث الأهم “السياحة والخصخصة والجرين الكارد” إلى جانب عوامل أخرى أدوات السعودية في تحقيق رؤيتها الاقتصادية، معتمدة على برنامج يحمل المواطن مسؤولية التقدم، ويدفع المرأة إلى الخروج والمنافسة، ويزيد من فرص الاستثمار للمقيم والأجنبي.
وقبل نحو 3 أعوام كان سعر برميل النفط يتخطى الـ100 دولار لكن خلال أربعة شهور فقط انهارت الأسعار ووصل سعر البرميل للنصف تقريبا، ليشكل هذا التحدي الأخطر للسعودية وكيفية انتقالها من عصر الاقتصاد الريعي إلى التحول التكنولوجي وتنويع مصادر الدخل، فكانت البداية مع إطلاق رؤية المملكة 2030.
وتضم رؤية المملكة “2030” العديد من المقومات في مقدمتها الخصخصة وتنويع المصادر وتوفير المزيد من الوظائف والسياحة، حيث تخطط من خلال الخصخصة إلى تحويل شركة “أرامكو” للنفط وعدد كبير من الشركات المملوكة للدولة إلى نظام الصندوق، ليشكل القطاع الخاص نحو ثلثي الاقتصاد بحلول عام 2030، كما تهدف إلى رفع الإيرادات التي تحصل عليها من الأنشطة غير النفطية إلى تريليون ريال بحلول عام 2030 من 163 مليار ريال في الوقت الحاضر.
وتهدف الرؤية إلى خفض البطالة إلى 7 % من 11.6 %، مع رفع عدد النساء المشاركات في القوى العاملة إلى 30 % بدلاً من 22 %، كما تخطط إلى زيادة عدد الحجاج إلى 30 مليون سنوياً بحلول عام 2030، مع العمل على توفير أنشطة سياحية أخرى مثل التأشيرات المؤقتة وغيرها.
وشهدت السعودية خلال عام واحد فقط إصدار عشرات القرارات التي تهدف إلى تغيير نمط الحياة بالنسبة للمواطنين والمقيمين على السواء، والتي شملت في البداية تغيير رسوم تأشيرات “الجوازات”، والانتقال من التقويم الهجري في العمل الوظيفي إلى العمل الميلادي، وإجراء تعديلات على لائحة الإجازات والأداء الوظيفي، وإلغاء وتعديل وإيقاف نحو 50 بدلاً ومكافأة وميزة طالت كبار رجال الدولة وحتى أصغر الموظفين، وتغيير غرامات المخالفات المرورية لتزيد في بعض الحالات بصورة كبيرة، وكذلك إصدار بطاقات الجرين كارد التي تزيد من فرص الاستثمار.
ولم تكن تلك القرارات وحدها خلال العام بل يستفيق السعوديون كل شهر تقريباً على أوامر ملكية بتغييرات داخل قطاعات الدولة بإقالة وتعيين واستحداث هيئات ومنظمات جديدة وتغيير مسميات قديمة، يبدو من ظاهرها الرغبة في ضخ دماء جديدة شبابية بالهيئات والوزارة الحكومية بكافة القطاعات، إلى جانب مواكبة العصر، والتي ختمت مؤخراً بالسماح للمرأة بقيادة المركبة.
نتائج آنية
حققت السعودية لأول مرة استثمارات ومكاسب كبيرة في مصادر أخرى تغلبت في بعض الأحيان على مصدر الطاقة مثل استثمارات الكهرباء التي تجاوزت استثمارات النفط والغاز، كما ارتفع صافي أرباح شركة الغاز والتصنيع الأهلية بنسبة 40.2% إلى 102 مليون ريال، وارتفع الناتج المالي لشركة الصناعات الزجاجية الوطنية إلى 108% عن الأعوام الماضية، إلى جانب زيادة استثمارات في الاستزراع السمكي، حيث حقق الاقتصاد الوطني نمواً إيجابياً بلغ نسبته 1.7 في المائة، بالإضافة إلى صعد أرباح القطاع المالي ليبلغ أكثر من 2.5 تريليون ريال.
رئيس المنتدى المصري للدراسات السياسية والاقتصادية والخبير الاقتصادي، الدكتور رشاد عبده، أن السعودية اعتمدت على أكبر مراكز البحوث في وضع رؤية اقتصادية شاملة تنقلها خلال السنوات المقبلة، لافتاً إلى أن هناك توجه داخل المملكة إلى تنويع مصادر الدخل وتعظيم دور القطاع الخاص وإتاحة الفرصة للخصخصة بغرض تعظيم الصندوق السيادي الخاص بها ليتحول ميزانيته إلى نحو 2 تريليون دولار.
وأضاف عيد في تصريحات خاصة أنه بدأ الاهتمام بقطاعات أخرى جديدة مثل السياحة وغيرها، إلى جانب اتخاذ خطوات أخرى تخص محاربة الفساد وتخفيض الرواتب وتقليل نسب الدعم على الطاقة والكهرباء، متوقعاً أن تنجح المملكة في تحقيق رؤية 2030 لرغبة القيادة ممثلة في ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في إنجاح التجربة باعتبارها مشروعه الأهم.
أستاذ علم الاقتصاد الدكتور محمد عبدالعظيم، يرى أن نجاح رؤية 2030 يحتاج إلى تغليب القرار والمصلحة الاقتصادية على القرار السياسي لأن ذلك سيساعد على تنويع مصادر الدخل وإنهاء فكرة الاقتصاد الريعي، مشيراً إلى أن السعودية لديها الإمكانات والتصورات التي تساعدها بشكل كبير على تحقيق أهدافها الاقتصادية المرجوة.
وأوضح عبدالعظيم في تصريحات خاصة أن الظروف الحالية كانت تحتم على السعودية التغيير بسبب تخوفها من زيادة العجز المالي بالأعوام المقبلة، ما دفعها إلى تغيير الفكر وإحداث نقلة نوعية سواء في تخفيض الدعم أو تجديد مصادر الدخل.
ويؤثر انخفاض أسعار النفط والتدابير التقشفية المتخذة بشأن الاقتصاد السعودي على الاقتصاد السعودي بشكل عام، حيث خفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو لهذا العام من 2.1% إلى 1.7% وهي نسبة مهمة مقارنة بالنمو الفعلي للعام الماضي الذي بلغ 0.2%.